الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - The Universal Declaration of Human Rights

يُعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وثيقة تاريخية هامة متكاملة ومتخصصة بحماية حقوق الإنسان وقد حدّد وللمرة الأولى الحقوق الأساسية التي يتعين حمايتها عالمياً. فعندما شهد العالم جسامة ما حدث في الحرب العالمية الثانية، من تردّي للأوضاع وحدوث انتهاكات خلّفت ورائها أعداد هائلة من الضحايا، دفعت المجتمع الدولي بعد قيام الأمم المتحدة  لاتخاذ خطوة جدية بعدم السماح على الإطلاق بوقوع فظائع من هذا القبيل مرة أخرى.

نشأة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

بدأ إعداد الإعلان عندما شرع المجلس الاقتصادي والاجتماعي بممارسة مهماته التي أوكلها إليه الميثاق، فبادر عام 1946 إلى إنشاء لجنة لحقوق الإنسان مهمتها تقديم توصيات إلى الجمعية العامة حول هذا الموضوع، وقد كلفت اللجنة بإعداد مشروع الإعلان. 

كانت اللجنة مكونة من 18 عضواً يمثلون شتى الخلفيات السياسية والثقافية والدينية. وقد قامت السيدة "إليانور روزفلت"، أرملة الرئيس الأمريكي "فرانكلين د. روزفلت" برئاسة لجنة صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واشترك معها السيد" رينيه كاسين" من فرنسا، الذي وضع المشروع الأولي للإعلان، ومقرر اللجنة، السيد تشارلز مالك من لبنان، ونائب رئيسة اللجنة السيد "بونغ شونغ شانغ" من الصين، والسيد "جون همفري" من كندا، ومدير شعبة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي أعدّ مخطط الإعلان، ومع هذا فإنه كان ثمّة تسليم بأن السيدة روزفلت كانت بمثابة القوة الدافعة وراء وضع الإعلان.

وتم اقتراح المشروع الأولي للإعلان في أيلول/سبتمبر 1948، مع مشاركة أكثر من 50 دولة من الدول الأعضاء في إعداد الصيغة النهائية. وبموجب القرار 217 ألف (ثالثاً)  المؤرخ 10 كانون الأول/ديسمبر 1948، اعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس، مع امتناع ثماني دول عن التصويت ودون معارضة أحد". 

مواد الإعلان و تقسيم الحقوق الواردة فيه:

تضمن الإعلان 30 مادة حيث يمكن تصنيف الحقوق الموجودة في مواد الإعلان إلى قسمين:

1-الحقوق المدنية والسياسية، التي تترتب هذه الحقوق بناء على اعتراف الإعلان لكل إنسان في كل مكان بحقه بالشخصية القانونية التي تؤهله للتمتع بالحقوق الثلاثة الحياة، الحرية، الأمان، وبكل ما يرتبط بها من حقوق مشتقة أخرى. 

وبناء على ذلك فقد تم تحريم الرق والعبودية، وجميع أنواع التعذيب، والمعاملة الوحشية أو المنافية للكرامة، كما نهى عن القبض والاعتقال والنفي التعسفي، وأكد الإعلان عددًا من الحقوق كالحق في المحاكمة العادلة في المسائل المدنية والجزائية، وقرينة البراءة، وعدم سريان القوانين والعقوبات بأثر رجعي، والحق في حماية الحياة الخاصة، وحرية التعبير والديانة، والاجتماع، والحق في الانتقال، وحق اللجوء، والحق في الجنسية، والحق في تكوين الأسرة، والحق في المشاركة في الحكومة مباشرة، أو عن طريق الانتخاب الحر لممثلي الشعب، واحترام إرادة الشعب.

2- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أجملت المادة 22 من الإعلان هذه الحقوق مصدّرة لها بحق كل شخص في الضمان الاجتماعي، ثم أن تُوفَّر له الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي لا غنى عنها لكرامته ولتنمية شخصيته بحرية. 

"ثم فصلت المواد التالية جملة هذه الحقوق من خلال النص على الحق في العمل(م23)، والأجر المناسب(م23/2)، وأوقات الراحة(م24)، وحق تكوين النقابات(م23/4)، والحق في المستوى المعيشي الذي يكفي لضمان الصحة والرفاه للإنسان ولأسرته(م25/1)، مع مراعاة الأمومة والطفولة(م25/2)، والحق في التعليم، الذي ينبغي توفيره مجانا، على الأقل في مراحله الأولى، وإن كان نوع اختيار التعليم متروكاً للآباء(م27) ، والحق في المشاركة الحرة في حياة المجتمع الثقافية، وحق حماية المصالح المعنوية و المادية المترتبة على الإنتاج العلمي أو الأدبي أو الفني(م27)، والحق في التمتع بنظام اجتماعي ودولي، يمكن أن تتحقق في ظلّه الحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعلان تحققا تاما(م28)." 

وهذا يوضح أن الحقوق المذكورة في بنود الميثاق ضرورة وغاية يرنو إليه عامة البشر لأن تناسي حقوق الإنسان يفضي إلى أعمال همجية تؤذي الضمير الإنساني وقد أكدت ذلك الجمعية العامة  بهذا الإعلان، بأنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات، عن طريق التعليم والتربية، واتخاذ اجراءات مطردة قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها، وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها.